أرفضه من أجل الإستقرار – بحث فى تفاصيل مواد الدستور

غير مصنف

 عكفت منذ عدة أيام على دراسة المسودة المقترحة للدستور وخرجت بعدد من الملاحظات لا يمكن أن أدعى أنها تشمل كل ما فيه من مثالب و محاسن، و لكنها على أية حال إجتهاد مبدأى بقدر ما فتح الله علىَ. لا شك أن الموضوع يحتاج إلى المزيد من الدراسة و التدقيق . أخص بالذكر هنا المواد الخطرة و التى قد تتسبب فى مشاكل لا يعلم مداها إلا الله و قد أعطيتها اللون الأصفر واحياناً اللون الأحمر للأشد خطورة ، بينما الملاحظات الأقل خطورة تركتها دون تلوين. أحب أيضاً أن اشير إلى أنى أتفق مع معظم النقاط التى أثارها زميلنا نبيل كامل فى منشوره على الزاوية من عدة أيام .

إذا توفر لى المزيد من الوقت سأحاول أن استكمل هذه الدراسة بإذن الله.

 

202 – “رئيس الجمهورية يعين رؤساء الأجهزة الرقابية”. هذه مادة معيبة للغاية و هى تضع هذه الأجهزة الخطيرة (مثل المركزى للمحاسبات  و غيره) و التى من شأنها أن تكون عين الأمة على السلطة التنفيذية و غيرها فى قبضة رئيس السلطة التنفيذية . غير مقبولة تماماً. 

219 – “مبادىء الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية و قواعدها الأصولية و الفقهية و مصادرها المعتبرة فى مذاهب أهل السنة و الجماعة” . مرفوضة تماماً وهى مادة فى تصورى وضعت لتحييد القوى السلفية و إكتساب تأييدها كجزء فى اللعبة السياسية للإخوان. هذه المادة ببساطة جعلت المادة (2) – الشديدة الحساسية و التى يفترض أنها تحظى بإجماع سواد الأمة الأعظم – بلا قيمة، طالما أن مبادىء الشريعة ستفسر خارج حدود القيم الرئيسية الجامعة (الحق..العدل …المساواة…الحرية… الصدق …العدالة الإجتماعية و إحترام حقوق الناس فى الإشتراك المنافع الأساسية …إلخ) لتحول مسائلاً تكاد تكون كلها موضع  خلاف و تأويل إلى مبادىء حاكمة للقوانين. هذه كارثة و كل شىء فى هذه الحالة سيتوقف على مذهب الحاكم و حزبه ( مثلاً ..عدم جواز الخروج على الحاكم و إن فعل …و فعل … طالما لم يكفر كفراً بواحاً و طالما يلتزم بظاهر الدين !!!)  

195- وزير الدفاع من الضباط . لا يجب أن يكون هذا نصاً دستورياً. وزير الدفاع هو عمل سياسى بالدرجة الأولى و يجوز أن يتولاه أحد من غير الضباط.

197- مجلس الدفاع الوطنى ( وهو يضم فقط رئيسى مجلسى الشعب و الشورى و مجموعة من الوزراء…  الدفاع و الداخلية و الخارجية  والمالية و رئيس المخابرات..و رئيس أركان الجيش و قادة الأسلحة …إلخ ) هو فقط المختص بالنظر فى شئون تأمين البلاد و سلامتها… وهذا موضوع فيه نظر.  و لكن الأهم و الأخطر أنه المنوط به مناقشة موازنة القوات المسلحة . معنى ذلك أن المجالس النيابية لن يمثلها سوى فقط رئيسى المجلسين . إذن فالمعارضة ليس لها أى دور أو رأى فى هذه الميزانية الخطيرة سواءاً ما كان منها عسكرياً صرفاً أو ذا طابع مدنى . غير مقبول بالمرة.

176 – المحكمة الدستورية العليا : تشكيلها و عدد أعضاءها  و مقرها “القاهرة” ! موضع تساؤل. و لكن الشىء الذى يدعو للقلق الشديد – فيما أرى-  عدم النص على طريقة إختيار أعضاءها و ترك ذلك  للنص الخطير القائل:

و يبين القانون الهيئات و الجهات القضائية أو غيرها التى ترشحهم و طريقة تعيينهم “

فى ظل مجلس تشريعى مختل التوازن ستشرع القوانين التى تضع المحكمة الدستورية تحت سلطة رئيس الجمهورية مثلاً…!! ( لاحظ تعبير “أو غيرها” و الذى لم يوضع عبثاً فى تقديرى)

177 – المحكمة الدستورية “تصدر أحكامها خلال 45 يوماً من تاريخ عرض الأمر عليها  و إلا عٌد  عدم إصدارها للقرار إجازة للنصوص المقترحة ” !!!  “ولا تخضع القوانين فى الفقرة الأولى للرقابة اللاحقة “ ! هذا غير مقبول و غير منطقى و لا فائدة من النص عليه إلا إذا كانت هناك نية تآمرية مبيتة .

181 – المحامون … نص إنشائى لا قيمة له و أغفل مطالب المحامين…

69- ممارسة الرياضة حق للجميع !!! ما هذا التهريج ؟ وكما قال البعض وماذا عن ” مشاهدة السينما و التلفزيون و زيارة المتاحف و قضاء فصل الصيف على شاطىء البحر و لعب الطاولة  و التمشية على النيل…إلخ”

82- مجلس الشورى ..لماذا ؟ و ما فائدته ؟ فقط تكاليف ضخمة تتحملها ميزانية دولة تنوء بحملها.

132- الفصل الثانى – السلطة التنفيذية- الفرع الأول رئيس الجمهورية

هذه المادة و ما يليها لا يوجد فيها أى ذكر لمنصب “نائب رئيس الجمهورية” !! اى عبث هذا ؟!!

168- الفصل الثالث – السلطة القضائية . هذه المادة و ما بعدها إلى نهاية الفصل تحوى الكثير من المسائل الفنية التى إعترض القضاة عليها و هى مسائل فنية يصعب على المواطن العادى غالباً الإحاطة بجوانبها و بما يترتب عليها.

213- هذه المادة و مثلها المواد السابقة مثل 212 و ما شابه مواد تصلح لكتاب التربية الوطنية مثلاً و لا أجد أى سبب أو فائدة من وجودها فى الدستور .

215- و 216 هى مواد تكرس سيطرة الدولة على الإعلام .

أولاً فى مادة 215 ، “المجلس الوطنى للإعلام” ينظم شئون البث المرئى و المسموع ..إلخ  ” “وضع الضوابط و المعايير الكفيلة بالإلتزام …” هذا فيما يخص الإعلام بصفة عامة و أظنه بشكل أساسى للإعلام المستقل.

ثم فى مادة 216 ، نجد شيئاً إسمه “الهيئة الوطنية للصحافة و الإعلام ” و التى تقوم على “إدارة المؤسسات الصحفية و الإعلامية المملوكة للدولة …و تنميتها…و ضمان إلتزامها …إلخ”

هذا الكلام المطاط و الفضفاض دون تحديد أو بيان ما هو ذلك المجلس الوطنى و كيف يتكون و من هم أعضاؤه ..إلخ يفتح الباب لصياغة قوانين تسمح لدولة – حزب أغلبية –  بالتحكم و الهيمنة على الإعلام بشكل ربما يفوق ما كان الوضع عليه قبل ثورة 25 يناير.  

 

كذا يلاحظ أن هذه المواد تأتى  فى الفصل الخامس من الباب الرابع و الذى يحمل إسم “الهيئات المستقلة و الأجهزة الرقابية” . يلاحظ أن المادة (202 ) فى الأحكام المشتركة للباب المذكور تنص على ” يعين رئيس الجمهورية رؤساء الهيئات المستقلة و الأجهزة الرقابية بعد موافقة مجلس الشورى”

بينما تنص المادة التالية (203)  على ” يصدر قانون بتشكيل كل هيئة رقابية أو جهاز رقابى  يحدد….و ينظم …و يبين …إلخ” . بالتأكيد غاية فى الخطورة و إيجاز فيما يستحق التفصيل حيث أن أى مساس أو تقييد لحرية الإعلام أو محاولة الهيمنة عليه إعتماداً على أغلبية تشريعية سوف يكون خطوة كبيرة إلى الوراء و ربما ينتقص كثيراً من الحريات التى كافح المصريون عشرات السنوات من أجل الحصول عليها.

هناك نصوص هامة و جيدة بلا شك و التى أوافق عليها تماماً مثل المادتين 12 و 13 مثلاً . و غير ذلك بالتاكيد.

و لكن لكل مقام مقال .

 

– مادة (52 )  تفيد أنه يجوز للسلطات حل النقابات بناءاً على حكم قضائى. هذه المادة حسب ما أفاد الدكتور جابر نصار و غيره من خبراء الدستور لم يرد مثيل لها من قبل فى تاريخ الدساتير المصرية و هى بالغة الغرابة ! الخطورة هنا أن الحل ليس فقط لمجلس إدراة النقابة – وهو ما قد يمكن فهمه- و لكن المادة تتناول حل النقابة كلهاو إلغاء و جودها …. هكذا …إنهاء نقابة لا ترضى السلطات من الوجود .. شىء من أغرب ما يمكن و من المستحيل تبريره لذى عقل.

 

– مادة (62)

تلتزم الدولة بتوفير الخدمات الصحية  و التأمين الصحى وفق نظام عادل عالى الجودة و يكون ذلك بالمجان لغير القادرين !!!

معنى هذا الكلام أنه على المواطن أن يثبت أنه “غير قادر” ليحصل على الخدمة الصحية “المتواضعة” التى توفرها الدولة ؟!

مثلاً …ما هو الوضع بالنسبة للملايين من الموظفين المحدودى الدخل و الذين يكافحون لللحصول على قوت يومهم ؟

المفترض أن الرعاية الصحية حق لكل مواطن .

 

مواد لا معنى لها و هى إما عبارات إنشائية او نوع من الحشو  ويصل بعضها إلى مستوى التهريج 

– مادة (10 ) الأسرة أساس المجتمع…”و تحرص الدولة على الإلتزام بالطابع الأصيل للأسرة المصرية  ” ما معنى و ما فائدة هذا الكلام ؟

– مادة (14) نصوص هزيلة ولا قيمة لها و لا تخدم أى هدف سوى الدعاية و يتخللها أخطاء مدهشة مثل النص القائل ” و يجب ربط الأجر بالإنتاج” . هذا نص غريب و لايصلح إلا لمصنع ملابس جاهزة و لا يمكن وضعه كقاعدة دستورية و قد إنتقده بشدة المستشار البسطاويسى لغرابته . يبدو أن من يكتب لا يفهم ما هو الدستور و ما الهدف منه. شىء مشين و يدعو للخجل.

 

 

هنا حاولت التعرض أساساً للمواد التى أراها معيبة و التى يجب تعديلها و التى من أجلها أقف مع الرافضين لهذا الدستور رفضاً قاطعاً.

معركة الدستور معركة خطيرة … الموافقة على نصوص دستورية معيبة أو غير دقيقة سندفع ثمنها غالياً فى المستقبل.

 

 

تعليق واحد على “أرفضه من أجل الإستقرار – بحث فى تفاصيل مواد الدستور

  1. Anonymous يعلق:

    مجهود ممتاز تشكر عليه

أشـرف عاشــــــور © 2024