وذلك أضعف الإيمان

غير مصنف

  ” من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان”

من المهم أن نفهم هذا الحديث العظيم جيداً .  هذا الحديث ليس عادياً و لا يكفى أن نسمعه، وتلوكه الألسن ثم لا يبنى عليه شىء.

 علينا أن نقف أمام المنكر ، سواءاً كان ظلماً أو جريمة أو عدواناً، ونحاول تغييره بالفعل أو بالعمل، وغالباً ما يكون ذلك مسئولية الدولة أو الحاكم خاصة فى شئون القصاص أو توقيع العقاب أو القتال فى سبيل الله و المستضعفين فى الارض. و تلك أعلى الدرجات، وهى درجة كل مجاهد فى سبيل الله و الحق و العدل سواءاً كان حاكماً أو محكوماً .

 وعلينا أن نقول كلمة الحق ونشهد شهادة الحق و نوجه النقد إلى من يستحق النقد، لتغيير المنكر أو محاولة تغييره بالقول.  وتلك درجة لها قيمتها أيضاً ، فكلمة حق فى الوقت المناسب- أمام إمام ظالم مثلاً – قد تكون سبباً لأن يظلنا الله  بظله ، يوم لا ظل إلا ظله.

 النوع الثالث من تغيير المنكر و الذى يدعونا الحديث الشريف إليه ، إذا كنا عاجزين عن الفعل وعن الكلمة،أى كانت الأسباب ، أن نغير المنكر بقلوبنا . كيف ذلك ؟

 لا نفعل أو نقول ما يدعم ذلك المنكر . لا نسانده . لا نتعاون مع الظالم أو الفاسد أو الباغى و لا حتى بقلوبنا ، و عندما يكون ضميرنا مستيقظاً و نرفض الظلم و البغى و العدوان  ولا تسمح لنا قدراتنا أن نواجههم بالعمل أو بالقول ، سنكون – وذلك أضعف الإيمان- على أهبة الإستعداد لمؤازرة من يواجههم عند أول بادرة وعندما تلوح الفرصة.

  لذا و إن بدا ذلك موقفاً سلبياً إلا أن له قيمة كبرى عندما يأتى دوره ، خاصة لعموم الناس. فليس من المعقول أن يجد المؤمن القوى و الذى قد يضحى بنفسه بالعمل أو القول ، أن الناس تنصرف عنه و تتركه وحده أمام الظالم  دون سند أو معين ، بل وقد يذهب المنافقون منهم إلى الهجوم عليه و النيل منه تزلفاً وملقاً للظالم أو الباغى.  

 فعندما يحاصرون غزة و يمنعون عن أهلها الطعام و الكساء و الدواء و الوقود،  لتركيع أهلها أمام عدوهم، فذلك ظلم وعدوان . وإن لم نستطع أن نغيره بأيدينا – كما فعل “الإمام” جورج جالاوى رضى الله عنه و أرضاه – فلنحاول تغييره بألسنتنا و قلوبنا.  

وعندما يقبض حاكم على السلطة و يبقى متمسكا بها عشرات السنين و يحاول أن يورثها من بعده لأولاده ، فذلك منكر لا ريب . فإن لم نستطع أن نغيره بأيدينا – كما يفعل المجاهد جورج إسحاق و جماعة كفاية – فلندينه بألسنتنا و قلوبنا.  

وعندما تُنهب البلد، و يُترك الفقراء و المستضعفون  يعانون الفاقة و العوز و لا يجدون ما يعينهم على ضروريات الحياة و المعيشة ، وتزداد أحوالهم سوءاً يوماً بعد يوم ، وهناك من يثرى و تستفحل ثروته على حسابهم، ويزداد غنىً يوماً بعد يوم، فذلك بلا شك عين المنكر.

 فإن لم نستطع تغييره بأيدينا كما فعل الزعيم الخالد جمال عبد الناصر، فلنكشفه بألسنتنا و نلعنه بقلوبنا و عقولنا.   

 الأمثلة السابقة و ما يشبهها هى منكر عند كل ذى فطرة سليمة و عقل رشيد.  

 ولكن الشىء المستفز هو أن هذا المنكر ، قد يجد من يؤيده و يشجعه و يسانده . هؤلاء لا يتمتعون بأدنى درجات الإيمان التى ذكرها الحديث الشريف، حتى و إن كانوا أئمة مساجد و شيوخ أزهر، فهم لم يصلوا حتى إلى درجة ” أضعف الإيمان” .

 

 

 

 

 

 

 

 

تم إغلاق التعليقات.

أشـرف عاشــــــور © 2024