فتح وحماس …النوم فى حضن العدو

غير مصنف

من وقت لآخر تتعالى الأصوات– وكثير منها من أصحاب النوايا الطيبة- تطالب بضرورة المصالحة بين الفصيلين الكبيرين فتح وحماس.

و لاشك أن الخلافات بين الفريقين لها تداعيات سلبية على الموقف الفلسطينى بصفة خاصة و العلاقات العربية بصفة عامة. ولكنى أرى أن السؤال الذى يجب أن يطرح نفسه –إذا كان المطلوب تناول المسألة بجدية- هو:

 هل هناك حقاً فرصة للمصالحة بين فتح وحماس فى ضوء المعطيات الحالية ؟

أرى أولاً أنه لا مناص  من تناول خلفية الأزمة  بين الفريقين المتنازعين، والتى بدأت تتصاعد بشكل واضح منذ إنتخابات المجلس التشريعى الفلسطينى التى جرت فى يناير 2006 .

– إنتهت الإنتخابات التشريعية الفلسطينية فى يناير 2006 بفوز كبيرو غير متوقع لمنظمة حماس ، و كانت إنتخابات حرة و نزيهة و لا يمكن التشكيك فى صدقيتها، بشهادة جميع المراقبين، وعلى رأسهم جيمى كارتر الرئيس الأميركى السابق.

على عكس ما يتصوره البعض ، لم تعلن حماس أبداً إعترافها بإسرائيل و إتفاقيات أوسلو قبل خوض الإنتخابات.  

   -من الواضح أنه لم يكن هناك ما يمنع من دخول حماس الإنتخابات على أساس برنامج يتعارض مع إتفاقات أوسلو ، و الدليل على ذلك أنه لا السلطة الفلسطينية و لا المراقبين الدوليين  ولا حتى إسرائيل إعترضت وقتهاعلى ذلك.

  قد تكون المسألة جديرة ببعض البحث و الدراسة الأكاديمية ، ولكن لا أرى لها وزناً يذكر من الناحية السياسية العملية  المتعارف عليها.

–  ووجهت حماس بمجرد الإنتهاء من فرز نتائج الإنتخابات و إعلان النتائج بمواقف سلبية رافضة من فتح و الدول الغربية و بعض الدول العربية.

–  بالرغم من أن حماس قد أبدت رغبتها فى تشكيل حكومة وحدة وطنية بالإشتراك مع الفصائل الأخرى وعلى رأسها فتح  إلا ان هذا قوبل بالرفض من جانب فتح.

شكلت حماس حكومتها برئاسة إسماعيل هنية ، و التى أعلنت مواقف مرنة إلى حد كبير أهمها : إستعدادها للتفاوض مع الرباعية الدولية ، ومباركتها لمحادثات مباشرة طرفاها الزعيم الفلسطينى “محمود عباس” و رئيس الوزراء الإسرائيلى “أولمرت” ، كما أعلنت على لسان هنية أنها مستعدة لتعديل موقفها الرافض لإسرائيل إذا تم التوصل لإتفاقية مرضية تحظى بقبول الشعب الفلسطينى.(كارتر)

– أصر الأمريكيون   و إسرائيل  على موقفهم المتشدد بعدم الإعتراف بحكومة  حماس.

– تعرضت الحكومة الجديدة لمقاطعة دولية أثرت تأثيرا بالغا على حجم الموارد المتوفرة ، وهو ماحاولت تعويضه بالحصول على مساعدات  من دول عربية  وإسلامية صديقة.

إنفجر صراع على الصلاحيات،بين حكومة حماس ورئيس السلطة الفلسطينية، لاسيما فيما يتعلق بالأجهزة الأمنية . وبينما تزايدت المؤشرات على توجه القيادات الفتحوية في الأجهزة لإفشال الحكومة ، أعلن وزير داخلية حماس عن تشكيل قوة أمنية جديدة ، بإسم(( القوة التنفيذية ))، في أبريل  2006 ” . (بشير نافع – وجهات نظر)

– شُكلت “لجنة الحوار الوطنى” للوصول إلى صيغة للتفاهم بين الفصائل تمهيداً لتشكيل حكومة وحدة وطنية .  وتم الوصول إلى وثيقة التفاهم الوطنى ، و التى كان من المفترض تشكيل حكومة وحدة وطنية على أساسها. (المرجع السابق)

– إصطدم البحث عن حكومة الوحدة الوطنية بسلسلة من المشكلات المتعلقة بتوزيع الحقائب الوزارية. إعتقد الرئيس عباس وعدد من مستشاريه أن حكومة حماس تسير نحو الإنهيار، ولم يبد رغبة حقيقية في التوصل الى حل سريع.  (المرجع السابق)

– سرعان ما أتضح أن التفاؤل الذي أحاط بالإتفاق على وثيقة التفاهم الوطني  كان مبالغاً فيه ، وتصاعدت حالة التدهور الأمني في قطاع غزة ، “…تصاعدت حدة الإشتباكات بين القوات التابعة لحماس وحكومتها وتلك التابعة للأجهزة الأمنية أو جناح فتح المرتبط بمحمد دحلان . وبإنفجار الوضع الأمني ، وقيام وزيرة الخارجية الأمريكية بإبلاغ الرئيس عباس بأن واشنطن غير معنية بوثيقة التفاهم الوطني الفلسطيني، لم يعد عباس يبدي إهتماما كبيرا بالوثيقة .”

– فى بداية العام التالي 2007 ، ظهرت بوادر خطة أمريكية أمنية للتعامل  مع الوضع الفلسطيني ،  برزت مؤشرات على إنحياز القاهرة لمشروع إطاحة حماس من الحكومة الفلسطينية.

 

– في يناير 2007 ، أخذت الإشتباكات في قطاع غزة طابعا حادا ومنظما وأكثر بشاعة . أعلنت الإدارة الأمريكية عن تخصيص 4,86 مليون دولار لإعادة بناء الأجهزة الأمنية الفلسطينية تحت إشراف المبعوث الأمني الأمريكي الجنرال كيث دايتون(للتعرف على دايتون و خطته يمكنك الرجوع للمقال على الرابط :

http://www.aljazeera.net/Mob/Templates/Postings/KnowledgeGateDetailedPage.aspx?GUID=9EBF949D-AFF3-4384-930F-312E308F57D5 )  .

وفي مهرجان لإحياء ذكرى إنطلاقة فتح في مدينة غزة ، وجه دحلان تهديدات سافرة لحركة حماس .

عقد مؤتمر مكة بين 6 و9 فبراير  2007 ، بحضور عباس ودحلان ، وخالد مشعل وإسماعيل هنية ، وقيادات أخرى للطرفين . توصل الطرفان الى إتفاق عرف بـ“إعلان مكة”، وتضمن تفاهما تفصيليا على تشكيل حكومة وحدة وطنية وتوزيع حقائبها، وعكس مرونة كبيرة من جانب حماس ، فبالرغم من أنه أكد تولي هنية رئاسة حكومة الوحدة الوطنية ، فقد أقر توزيع حقائب الوزارات الرئيسية على شخصيات مستقلة ، كما حمل قبولا صريحا  من حماس بدولة فلسطينية على حدود 1967، وصيغة وسطية لتوضيح موقف الحكومة من القرارات الدولية والعربية المتعلقة بالقضية الفلسطينية  التي تقبلها منظمة التحرير وتبني عليها قيادة السلطة تحركها السياسي .

“… بدأت حماس – شأنها شأن الحركات الراديكالية الأخرى- تميل إلى الإعتدال فى برنامجها السياسى عقب وصولها للسلطة. فقد أخذت حماس فى التحول من الرفض المذهبى (لوجود إسرائيل) إلى تبنى حل الدولتين . ففى مارس 2007 شكلت حماس وفتح حكومة وحدة وطنية كانت مستعدة للتفاوض حول وقف إطلاق نار طويل المدى مع إسرائيل. وبالرغم من ذلك رفضت إسرائيل التفاوض مع حكومة تضم حماساً.”

 (آفى شلايم – كاتب ومؤرخ إسرائيلى – الجارديان)

 

وزيرة الخارجية الأمريكية تبلغ أبامازن أن واشنطن غير معنية بإتفاق مكة ، وأنها ستواصل مقاطعتها لحكومة الوحدة الوطنية ، بدأ عباس يميل الى المعسكر الداعي الى إخراج حماس من جسم سلطة الحكم الذاتي، ولو بالقوة. (بشيرنافع – المقال السابق) 

– في مطلع مارس 2007، وقبل أن يجف حبر إتفاق مكة ، أعلن الرئيس عباس عن تعيين محمد دحلان مستشارا لشئون الأمن القومي ، بمعنى تسليمه ملف القوى الأمنية الفلسطينية بالكامل . وبالنظر الى مواقف دحلان المعلنه من حماس ، والدور الذي يلعبه جهاز الأمن الوقائي الموالي له في الصدامات المسلحة في قطاع غزة ، فقد كان طبيعيا أن تستشعر حماس الخطر. أعلنت حماس معارضة قرار الرئيس  على أسس دستورية ، كون دحلان نائبا في الجلس التشريعي  ومن المفروض ألا يتسلم موقعا أمنيا تنفيذيا . ولكن عباس لم يتراجع. (المرجع السابق)

 

“… العقيد دحلان هو القائد الميداني الذي يدير المعركة ضد الحكومة الجديدة‏، …(صرح) مسئول كبير في حماس أن المعركة الحقيقية في غزة ليست بين فتح وحماس‏,‏ ولكن الطرف الأول فيها هو دحلان وجماعته‏.‏ وهناك لغط كثير حول الدعم البريطاني والأمريكي فضلا عن الإسرائيلي بطبيعة الحال ـ الذي يقدم للرجل‏ ،‏ حيث يراهن عليه هؤلاء في سيناريوهات المستقبل‏.‏ وما تردد عن وضع البريطانيين مبلغ سبعة ملايين إسترليني تحت تصرفه لحساب تلك السيناريوهات‏،‏ جزء من ذلك اللغط‏.”( فهمى هويدى الأهرام 16 مايو 2006‏)

 

 

– في منتصف أبريل 2007 ، نشرت صحيفة هارتس الاسرائيلية تقريرا حول ما أسمته ب “خطـــة دايتـــون” ، التي يفترض أنها تحمل تصور الجنرال الأمريكي المشرف على الأوضاع الأمنية الفلسطينية لكيفية إعادة بناء أجهزة سلطة الحكم الذاتي الأمنية وتأهيلها لمواجهة قوة حماس المتصاعدة.

– “… وفي 11 يونيو ، تعرض مكتب رئيس الوزراء في مدينة غزة لإعتداء مسلح ….ولكن ما إن حل مساء 15 يونيو حتى كانت القوات الموالية لحماس قد حسمت الوضع نهائيا لصالحها في كافة أنحاء القطاع . في أغلب الحالات ، تسلمت قوات حماس مواقع السلطة الرئيسية بلا قتال ، بينما ترك قادة الأجهزة الأمنية قواتهم ومراكز عملهم ، وفروا عبر الحدود الى مصر أو إلى الضفة الغربية عبر إسرائيل . ولكن فى حالات أخرى لا سيما في معركة السيطرة على مقر قيادة الأمن الوقائي ، سقط العشرات من الطرفين في قتال نظر اليه اغلب الفلسطينيين بإعتباره حلقة مؤلمة في تاريخ نضالهم الوطني” (نافع)

بهذا، كانت النتيجة الحتمية هى الصراع الدموى المؤسف الذى حدث فى غزة ، يونيو 2007 ، فيما عرف بإنقلاب حماس على السلطة و الذى ترتب عليه حدوث الإنشقاق الكامل بين الفصائل و إقالة حكومة حماس من قبل الرئيس محمود عباس.

أعتقد أن أى مراقب منصف لتداعى الأحداث وصولاً إلى الأزمة الكبرى بين فتح وحماس فى يونيو 2007 ، لابد أن يدرك أن تلك الحوادث كانت نتيجة طبيعية للعوامل التالية:

* الضغط الأمريكى الإسرائيلى على فتح بغرض عزل حماس و إقصائها عن الحكم .

* وجود أطراف فلسطينية ،متواطئة بشكل لا يرقى إليه أى شك وعلى رأسها محمد الدحلان و من ورائه محمود عباس و مجموعة من قادة فتح، الذين زكمت رائحة فسادهم الأنوف،  و ضعت نفسها فى خدمة إسرائيل و الغرب بهدف تحقيق منافعها الشخصية.   

* أطرافاً عربية – على رأسها مصر – أفزعها وصول حماس للسلطة من جهة ، ودفعها حرصها على إرضاء أمريكا و إسرائيل من جهة اخرى ، تلك الأطراف ، شجعت و ساندت جماعة الدحلان و أبى مازن، بأمل التخلص من حماس.

 

بعد الأزمة…وهو ما يهمنا فى هذه المرحلة ، كيف تطورت الأمور وفى أى إتجاه سارت ؟

 

“..أعلنت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير قرارا بإقالة حكومة هنية ، إعلان حالة الطوارئ ، تشكيل حكومة إنفاذ حالة الطوارئ ، وإجراء إنتخابات مبكرة . ونظرا لأن القانون الاساسي الفلسطيني الذي هو بمثابة دستور للحكم الذاتي في الضفة والقطاع لا يشرع لأغلب هذه الإجراءات . فقد نظر رئيس الوزراء هنية الى أن القرارات غير شرعية ، وأعتبر حكومته لا تزال كحكومة تسيير أعمال . كلف الرئيس عباس الإقتصادي سلام فياض ، الذي يحظى بتأييد أمريكي وأوروبي ، رئيسا لوزراء حكومة الطوارئ .

تعرضت المؤسسات المدنية والخيرية وصناديق الزكاة المشكوك بصلاتها مع حركة حماس ، أو التي يديرها أسلاميون ، في الضفة الغربية لحملة أمنية منظمة . أعتقل العشرات من مؤيدي حماس والجهاد , وأغلقت مدارس وروضات أطفال وجمعيات خيرية ومراكز خدمات إجتماعية وصحية . وأعطيت هذه الإجراءات صبغة قانونية بصدروها عن قرارات لوزارة فياض . وقد أطلقت حكومة فياض حملة واسعة للقضاء على مجموعات المقاومة المسلحة في الضفة الغربية ، بما في ذلك الموالية لحركة فتح . أصدرت حكومة فياض قرارا بإنهاء الجماعات المسلحة ، وعرضت إغراءات مالية لكل من يسلم سلاحه ، بينما وعدت بالحصول على عفو إسرائيلي عن العناصر المطاردة من القوات الإسرائيلية .” (نافع)

وفى تحليل للمفكر الفلسطينى المرموق “عزمى بشارة” ، بعد أحداث يونيو 2007 ، يقول:

“…إن النصوص التي تستحق التعليق والتي تناولت أحداث غزة الأخيرة من منطلق كون «حماس» حركة إسلامية، وتجاهلت كونها حركة مقاومة شعبية واسعة وعريضة وربحت الانتخابات وحوصرت وتم التآمر عليها، حولت رابح الانتخابات الى انقلابي وقادة الاجهزة الامنية الى ضحية انقلاب. إنها في الواقع نصوص غير مسبوقة في تلفيقيتها وقلة استقامتها ورهانها على عداء القارئ للحركات الإسلامية أو الخلط بينها بشكل يخجل منه حتى المستشرقون. لا علاقة لهذه المواقف لا بالتقاليد الديموقراطية ولا بالإنصاف، ولا بصرامة التحليل والدقة المطلوبة من مثقفين.”

 

(عزمى  بشارة ، مفكر فلسطينى مسيحى، وعضو سابق بالكنيست الإسرائيلى- الحياة فى 28 يونيو 2007)

 

 

منذ سيطرة حماس على قطاع غزة في يونيو 2007 ، قاوم الرئيس عباس كل دعوة فلسطينية أو عربية للحوار الوطني ومحاولة العمل على تفاهم ينهي الإنقسام الفلسطيني الداخلي .كانت هناك عقبات كثيرة و كانت العقبة الأكبر تتعلق بالموقف الأمريكي – الإسرائيلي .

بعض من الإجراءات التي أتخذت في الضفة الغربية تم عبرإدعاء خشية  إدارة رام الله من قيام حماس بالسيطرة على على الضفة كما سيطرت على القطاع ، ولكن بعضها الآخر عكس توجها حثيثا لإستجابة رام الله لشروط التفاوض الإسرائيلية-الامريكية بقيام سلطة الحكم الذاتي بالتحكم الأمني في المناطق الخاضعة لها . نشأ واقع جديد فى الضفة الغربية فى سياق ما سمى “التنسيق الأمنى” بين السلطة الفلسطينية و إسرائيل بقيادة الجنرال دايتون الامريكى.

يمكنك تفهم موضوع التنسيق الأمنى من خلال الكليب أدناه و المأخوذ من التليفزيون الإسرائيلى:

http://www.youtube.com/watch?v=GS7Pu_NKsVA )

 

قد يلتمس البعض العذر لأبى مازن فيما يتخذه من إجراءات فى الضفة الغربية ،حرصاً على إكتساب رضاء إسرائيل و أمريكا، إذا كان ذلك يخدم الأهداف الوطنية و القومية للفلسطينيين و بإعتباره جزءاً من فلسفة لها من يؤيدها و من يعتقد بجدواها سواءاً من الفلسطينيين أو العرب .

ولكن إذا إقتصر ما يحققه أبو مازن و جماعته على الحصول على الهبات من الدول الغربية، و إستلام رواتبهم بشكل منتظم، ثم ينجح نجله فى الحصول على ترخيص شبكة موبايل مقابل تأجيل النظر فى تقرير جولدستون عن حرب غزة فى الجمعية العامة للأمم المتحدة ، ثم نجد أن مجرد وقف الإستيطان – ناهيك عن إزالة المستوطنات- يصبح أملاً صعب المنال، و تتعرض القدس و الخليل لعملية تهويد منهجية والممتلكات الفلسطينية فى المدينتين للإنتزاع و المصادرة ، فلا شك أن شرعية أبى مازن و الإتجاه الذى يمثله فى فتح تصبحان موضع تساؤل كبير .

وفى ذلك يقول عزمى بشارة :

ولنكن واقعيين(!)، فنحن لا نتوقع منها(السلطة) أن تحرر القدس، ولا أن تحقق حق العودة، ولكننا نتوقع أن تتمكن مع كل هذا الاحتضان الدولي والإسرائيلي من العمل على إزالة الجدار وإزالة المستوطنات، وألا تقبل ان تخضع من جديد لامتحان اثبات جديتها في العداء لـ «حماس» بقطيعة أوثق مع غزة وبممارسات اكثر قمعية ضد المقاومة في الضفة الغربية مثلا. هذا مسار يقود الى التهلكة بغض النظر عن المعاشات والامتيازات…”  

كان هذا ما يطلبه “عزمى بشارة” فى يونيو 2007  ! ومن أسف فإن ذلك لم يحدث.

و يبدو لى أن أبا مازن و رجاله– بإفتراض حسن النوايا – قد باتوا رهينة فى يد إسرائيل. و يبدو أن حكومات الدول العربية الرئيسية قد باتت هى الأخرى فى حالة من العجز و الشلل و تمكنت منها أعراض الوهن و الشيخوخة  لدرجة مثيرة للشفقة.

إننى أحياناً أتساءل ، ما الذى يمكن أن يدفع الولايات المتحدة ، أو غيرها من القوى ذات الوزن فى عالمنا، إلى الوقوف مع القضية الفلسطينية ومحاولة الضغط بشكل مؤثر على إسرائيل لتغيير موقفها ؟

 أنا لا أرى أى مؤشر على أننا حتى نطلب تلك المساعدة بالجدية الكافية .

إن مصالحة حقيقية بين فتح و حماس ، تحتاج أكثر من مجرد تفاهمات حول عدد من المسائل و القضايا . أعتقد أن تلك المصالحة لن تتأتى فى ظل التوجهات الحالية لقيادات الطرفين.

دون حدوث تحول جذرى فى موقف إحدى الفرقتين – وهو الأمر الذى أراه مستبعداً- فإن ما يبدو هو أننا إزاء:

إتجاه قد إبتلعته شبكة المصالح ،المرتبطة بأمريكا و إسرائيل و الغرب، تماماً، وبات ينام فى حضن العدو.  

والإتجاه الثانى ، وإن كان قد أصابه قدر لا يستهان به من الدمار ويتعرض لحصار خانق من الجوار و معظم القوى الدولية ، فلازال عصياً على الوقوع فى الغواية.

إذا كان ذلك كذلك، فهل يمكننا تصور أن المصالحة – الحقيقية- لازالت إحتمالاً معقولاً ؟  

 

أشرف عاشور

asashour@gmail.com

تم إغلاق التعليقات.

أشـرف عاشــــــور © 2024